أسباب النحافة وعلاجها

النحافة: تعريفها وأسبابها

تعتبر النحافة من القضايا الصحية التي تثير العديد من التساؤلات في المجتمعات الحديثة. رغم أن التركيز الأكبر في بعض الأحيان يكون على زيادة الوزن أو السمنة، فإن النحافة أيضًا تمثل تحديًا صحيًا يؤثر على الكثير من الأفراد. يُطلق مصطلح “النحافة” على الحالة التي يتمتع فيها الشخص بوزن أقل من المعدل الطبيعي مقارنة بطوله وعمره، وهذه الحالة قد تكون نتيجة لعوامل وراثية أو بيئية أو صحية. في هذا المقال، سنتناول مفهوم النحافة، الأسباب المختلفة لها، وكيفية تأثيرها على الصحة العامة.

تعريف النحافة

النحافة هي الحالة التي يتميز فيها الفرد بوزن أقل من المعدل الطبيعي حسب مؤشر كتلة الجسم (BMI)، وهو مقياس يُستخدم لتحديد ما إذا كان الوزن يتناسب مع الطول بشكل صحي أم لا. يتم حساب هذا المؤشر عن طريق قسمة وزن الشخص بالكيلوغرامات على مربع طوله بالمتر. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يُعتبر الشخص نحيفًا إذا كان مؤشر كتلة الجسم لديه أقل من 18.5.

إلى جانب مقياس الـ BMI، يمكن أيضًا أن تشتمل النحافة على مظاهر جسدية أخرى مثل ضعف العضلات، الهزال، قلة الدهون تحت الجلد، والإرهاق المستمر. كما أن النحافة قد تؤدي إلى شعور الشخص بعدم الراحة الجسدية، وقد تؤثر على أدائه اليومي.

أسباب النحافة

تتعدد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى النحافة، بعضها طبيعي ويرتبط بالعوامل الوراثية، بينما قد تكون أسباب أخرى نتيجة لمشاكل صحية أو سلوكية. فيما يلي بعض الأسباب الأكثر شيوعًا:

1. العوامل الوراثية
   
   الوراثة تلعب دورًا كبيرًا في تحديد نوع الجسم. بعض الأشخاص يولدون بجينات تجعلهم أكثر قابلية للنحافة، حيث يُمكن أن يكون لديهم معدل أيض مرتفع، مما يؤدي إلى حرق السعرات الحرارية بسرعة أكبر. كذلك، قد يكون لديهم قدرة أقل على تخزين الدهون تحت الجلد.

2. نمط الحياة غير الصحي
   
   إن اتباع نمط حياة غير صحي يمكن أن يؤدي إلى فقدان الوزن بشكل غير مبرر. على سبيل المثال، إذا كان الشخص يعاني من قلة تناول الطعام أو عدم الحصول على التغذية السليمة بسبب سوء العادات الغذائية أو اتباع نظام غذائي قاسي، فقد يؤدي ذلك إلى النحافة. قلة ممارسة الرياضة أيضًا قد تؤدي إلى ضعف العضلات وعدم اكتساب الوزن الكافي.

3. الأمراض المزمنة
   
   هناك العديد من الأمراض التي يمكن أن تسبب النحافة، مثل الأمراض المزمنة التي تؤثر على امتصاص العناصر الغذائية من الطعام. من بين هذه الأمراض:

   • الأمراض المعوية مثل الداء الزلاقي أو التهاب الأمعاء الذي يسبب التهابات تؤثر على قدرة الجسم على امتصاص المواد الغذائية.

   • داء السكري الذي يمكن أن يؤدي إلى فقدان الوزن بسبب العجز في استخدام السكر بشكل صحيح داخل الجسم.

   • الأمراض القلبية المزمنة، حيث يمكن أن تؤثر هذه الأمراض على قدرة الجسم على استخدام الطاقة بشكل فعال، مما يسبب فقدان الوزن.

   • فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism) حيث تفرز الغدة الدرقية هرمونات أكثر من اللازم، مما يؤدي إلى تسريع عملية الأيض وفقدان الوزن السريع.

   • السرطان، حيث يمكن أن يؤدي المرض نفسه أو العلاجات مثل العلاج الكيميائي إلى نقص الوزن بشكل كبير.

4. التوتر والقلق النفسي
   
   يؤثر التوتر النفسي والقلق على صحة الجسم بشكل عام. يمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى فقدان الشهية وزيادة سرعة الأيض، مما يعزز من فقدان الوزن. الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب أو اضطراب الأكل قد يواجهون صعوبة في تناول الطعام بشكل كافٍ، مما يؤدي إلى النحافة.

5. مشاكل في الامتصاص الغذائي
   
   بعض الأشخاص يعانون من مشاكل في امتصاص المواد الغذائية بشكل كافٍ نتيجة لتلف الأمعاء أو مشاكل هضمية أخرى. الداء الزلاقي، على سبيل المثال، يعوق الجسم من امتصاص العناصر الغذائية من الأطعمة، ما يؤدي إلى فقدان الوزن بشكل غير مبرر. قد يؤدي ذلك إلى النحافة إذا لم يتم التعامل مع هذه المشكلة بشكل صحيح.

6. الاضطرابات الغذائية
   
   الاضطرابات الغذائية مثل فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa) أو الشره المرضي العصبي (Bulimia Nervosa) تعد من الأسباب النفسية التي تؤدي إلى النحافة. في هذه الاضطرابات، يرفض الشخص تناول الطعام بشكل مفرط بسبب الخوف من زيادة الوزن أو بسبب صورة غير صحيحة عن جسمه، مما يؤدي إلى فقدان الوزن بشكل غير طبيعي.

7. العمل البدني المفرط
   
   بعض الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بشكل مكثف أو الذين يقومون بالأعمال البدنية الشاقة قد يعانون من فقدان الوزن. إذا كانت السعرات الحرارية المستهلكة أقل من تلك التي يتم حرقها، فقد يؤدي ذلك إلى فقدان الوزن بشكل غير صحي. في بعض الحالات، يمكن أن تزداد هذه المشكلة إذا كان الشخص لا يحصل على تغذية كافية لدعم نشاطه البدني.

8. إدمان المواد
   
   الأشخاص الذين يعانون من إدمان الكحول أو المخدرات قد يواجهون صعوبة في الحفاظ على وزن صحي بسبب التأثيرات الجانبية لهذه المواد على شهيتهم وصحتهم العامة. الكحول، على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي إلى تقليل امتصاص العناصر الغذائية من الأطعمة، ما يعزز فقدان الوزن.

9. تأثيرات الأدوية
   
   بعض الأدوية، مثل أدوية علاج السرطان أو أدوية معالجة القلق والاكتئاب، قد تسبب فقدان الوزن كأثر جانبي. قد تؤثر بعض الأدوية أيضًا على الشهية أو عملية الهضم، مما يساهم في النحافة.

تأثير النحافة على الصحة

النحافة ليست مجرد حالة مظهرية؛ بل إنها تؤثر على صحة الجسم بشكل عام. نقص الوزن يمكن أن يكون له العديد من التأثيرات السلبية التي قد تشمل:

1. ضعف الجهاز المناعي
   
   الأشخاص الذين يعانون من النحافة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. هذا لأن الجسم قد لا يكون لديه ما يكفي من العناصر الغذائية لتعزيز جهاز المناعة.

2. ضعف العضلات والعظام
   
   انخفاض مستويات الدهون في الجسم يمكن أن يؤثر على قوة العضلات والعظام. فوجود كمية قليلة من الدهون قد يؤدي إلى هشاشة العظام وضعف العضلات، مما يزيد من خطر الإصابة بالكسور.

3. مشاكل في الدورة الشهرية
   
   النحافة المفرطة قد تؤدي إلى اضطرابات في الدورة الشهرية لدى النساء، وقد تنقطع الدورة الشهرية في بعض الحالات. هذا يعود إلى تأثير النحافة على التوازن الهرموني في الجسم.

4. تأثيرات على الصحة النفسية
   
   الأشخاص النحيفون قد يعانون من مشاكل نفسية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق بسبب ضغط المجتمع أو مشاعر الإحراج بشأن مظهرهم الجسدي.

5. صعوبة في الحمل
   
   النحافة قد تؤثر على القدرة على الحمل بسبب انخفاض مستويات الدهون في الجسم، مما يؤثر على إنتاج الهرمونات الضرورية للحمل.

كيفية علاج النحافة

يتطلب علاج النحافة نهجًا متعدد الأبعاد يتضمن:

1. زيادة تناول السعرات الحرارية
   
   يُنصح بتناول وجبات غنية بالسعرات الحرارية مثل المكسرات، الزيوت الصحية، والأطعمة التي تحتوي على البروتينات. يمكن للأطعمة مثل الحبوب الكاملة، الأفوكادو، واللحوم الخالية من الدهون أن تساهم في زيادة الوزن.

2. ممارسة تمارين القوة
   
   لتجنب فقدان العضلات مع زيادة الوزن، من المهم ممارسة تمارين القوة مثل رفع الأثقال أو تمارين المقاومة. هذه التمارين تساعد في بناء كتلة عضلية صحية.

3. علاج الأمراض المسببة
   
   في حال كانت النحافة ناتجة عن مرض معين، يجب معالجة ذلك المرض أولًا. على سبيل المثال، علاج اضطرابات الغدة الدرقية أو أمراض الأمعاء قد يساعد في استعادة الوزن الطبيعي.

4. استشارة مختصين
   
   من المهم استشارة أطباء أو أخصائيين في التغذية لتحديد الأسباب الدقيقية للنحافة ووضع خطة غذائية متكاملة.